قوله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكَّرُوا بِهِ} معنى ذلك أنهم تركوا ما ذَكَّرَهُم الله من آياته الدالة على توحيده وصدق رسوله.{فَتَحْنَا عَلَيْهِمُ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} يعني من نِعَمِ الدنيا وسَعَة الرزق.وفي إنعامه عليهم مع كفرهم وجهان:أحدهما: ليكون إنعامه عليهم داعياً إلى إيمانهم. والثاني: ليكون استدراجاً وبلوى، وقد روى ابن لهيعة بإسناده عن عقبة ابن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّه يعِطي العِبَادَ مَا يَشَاءُونَ عَلَى مَعَاصِيهِم إِيَّاهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنْهُ» ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابِ كُلِّ شَيْءٍ}.{حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ} يعني من النِّعَمْ فلم يؤمنوا.{أَخَذَنَاهُم بَغْتَةً} يحتمل وجهين.أحدهما: أنه تعجيل العذاب المُهْلِك جزاء لأمرين.أحدهما: لكفرهم به.والثاني: لكفرهم بنِعَمِهِ.والوجه الثاني: هو سرعة الموت عند الغفلة عنه بالنِّعَمِ قَطْعاً للذة، وتعذيباً للحسرة.ثم قال تعالى: {فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} وفيه خمسة تأويلات:أحدها: أن الإِبلاس: الإِياس قال عدي بن زيد:ملك إذا حل العفاة ببابه *** غبطوا وأنجح منهم المستبلسيعني الآيس.والثاني: أنه الحزن والندم.والثالث: الخشوع.والرابع: الخذلان.والخامس: السكوت وانقطاع الحجة، ومنه قول العجاج:يا صاح هل تعرف رسماً مكرساً *** قال نعم أعرفه وأبلسا